رواية لمن القرار بقلم سهام صادق
المحتويات
لشيء قبل مغادرتها.. قلبها الصغير كان يحركها
تجمدت قدميها تنظر إلى السيدة الجميلة وهي تزيل عنه قميصه
أسرعت في مغادرتها تهبط من البناية تلتقط أنفاسها بصعوبة... لا تصدق أن رب عملها مثل باقية الرجال الذين سمعت عنهم
هزت رأسها يمينا ويسارا تنفي ما يدور بخلدها
السيد سليم عمره ما يعمل كده.. لا لا هو مش زيهم
كان غارق في لذته ينهل منها متلذذا شيطانه يقوده لتلك المتعة التي يرى فيها السعادة..أخرج المال من حافظته يلقيه على الفراش المبعثر بعدما انتهت متعته ينظر لتلك التي وقفت ترتدي ملابسها أمام عينيه
هشوفك تاني
أزدرد حسن لعابه ينظر لتفاصيل جسدها الجميل الذي لم يكن جميلا بالفعل ولكن شيطانه كان يصوره له كما يريد أن يري.
أنت بقيت عارف الطريق... بس خد بالك أنا زبايني كتير وبيقدروا
والكلمة الأخيرة كان يعرف معناها تماما.. وهو رجلا والرجال تدفع بسخاء وها هو شيطانه يتحدث إليه
ده الأخر يا ابلة
نظرت فتون خارج السيارة المحملة بالقليل من الركاب
بس مش ده الشارع اللي بنزل فيه كل يوم
ما أنا قايلك يا أبله أن ده مش طريقي.. أنت خدي الطريق ده كله مشي وهتوصلي للمكان.. يلا بقى عايزين نروح بيوتنا
طالعت الطريق المظلم بقلة حيلة تنظر نحو سيارة الأجرة التي هبطت منها للتو.. التقطت أنفاسها عدة مرات تحتضن حقيبتها التي تضع بها أغراضها
أرتجف جسدها وهي تشعر بتلك الخطوات التي تتبعها ولم تشعر ألا وهي تركض بكل سرعتها
سقطت أرضا بعدما تجاوزها الكلبان.. فاغمضت عيناها من شدة الألم تنظر نحو يديها التي جرحت
الشارع فارغ من المارة كحال قلبها أصبح فارغ من كل شيء.. الخواء بات يحتل روحها حتى عيناها لم يعد بريقهما كما كانوا إنها تنطفئ يوما بعد يوم
الإفطار يبدو قد تم إعداده كما ترى أمامها فوق المائدة.. مهمتها قد اتخذتها الضيفة الحسناء.. طالعت المائدة وما تحتويه من أطباق تهمس لحالها
شكل وجودك قرب ينتهي من هنا يا فتون.. صاحبة البيت شكلها شاطرة وبتعرف تطبخ
فتون
شهقت بعدما انتفضت مذعورة من سماع صوته.. فابتسم على هيئتها وكأنها أشبة بدجاجة
مالك أتنفضتي كده.. يعني تفتكري هيكون في مين غيري يا فتون
أنت بقيت كويس يا بيه
طالعت هيئته.. قميصه الصباحي ناصع اللون بنطاله الذي يلائم قميصه تسريحة شعره التي تليق به ورائحة عطره الجدير في اختيارها مع طي أكمام قميصه.. إنه كابطال الحكايات كما تسمع عنهم..
كاد أن يرد على جوابها الذي تنتظره ولكن عيناه توقفت على تلك القماشة التي تلف بها يدها
مالها أيدك
نظرت نحو يدها وسرعان ما وضعتها خلف ظهرها حرجا
مافيهاش حاجة يا بيه دية وقعة بسيطة
أنت من ساعة ما أشتغلتي هنا يا فتون وكل إجابتك كده.. أيه مافيش غيرك بيقع.. ده أنت أستحوذتي على خبطات البلد
رغما عنها كانت تبتسم.. همها يبكي من يسمعه ولكنها اعتادت
هاتي أيدك وتعالي اطهرهالك.. وأيه القماشة ديه.. ده أنت كده تلوثي الچرح أكتر
أجلسها فوق الأريكة التي خشيت يوما وهي تنظفها أن تجلس عليها.. حاولت النهوض ولكنه زجرها بعينيه
خليكي مكانك فاهمة
عاد بعد لحظات يحمل صندوقا به بعض الأغراض الطبية.. جلس جوارها فتجمد جسدها وهي تنظر إليه
أنا هنضفه لنفسي يا بيه
ولكنه لم يكن يريد سماع المزيد من الإعتراضات ... أزال تلك القماشة من علي كفها ينظر إليها
أسكت خالص وسبيني أشوف شغلي
مازحها بخفه.. فلم يكن أمامها إلا ترك يدها له.. لقد رأي حسن چرح يدها عندما عاد ولكنه لم يفكر أن يسألها عما بها وكيف حدث لها هذا.. أخبرته بأنها سقطت بسبب الكلاب ولما تتلقى منه إلا ضحكة صاخبة مستهزءه
كلاب وقعتي بسبب الكلاب.. والله الكلاب شاطرة
كده تمام.. نضفنا الچرح وعقمنا ولفنا شاش طبي
طالعت الضمادة الطبية التي لف بها يدها تنظر إليه وقد علقت بعينيها الدموع
شكرا يا بيه
أبتسم بلطافة ينظر نحو يدها الصغيرة
أنا المفروض أشكرك يا فتون على رعايتك ليا أمبارح
بطل حكايتها طيب القلب.. حنون.. لطيف.. بل ويشكرها على ما فعلته معه رب عملها ليس له مثيل.. هناك رجال حقيقين وليس كحسن هكذا كان عقلها يخاطبها.. أتسعت أبتسامتها ولكن سرعان ما اختفت وهي تتذكر ما رأته أمس فانتفضت ناهضة من فوق الأريكة
هروح أشوف شغلي يا بيه
التقطت عيناه نفضتها بأستغراب ولكن سرعان ما تبدلت نظراته للجمود وقد أدرك للتو بخطأه فمهما كان أمتنانه لما فعلته أمس فأنه في النهاية يعطيها المال وسيزود لها راتبها هذا الشهر تقديرا لها
أفيق يا سليم.. لا تعود للسنوات الماضية كما كنت طيب القلب..
أعمليلي قهوة وهتيهالي مكتبي.. واعملي حساب فرد تاني على الغدا
وقفت تطهو الطعام وقد عانت من يدها بشدة ولكنها كانت سعيدة في النهاية عندما نظرت إلى محتوي ما أعدت.. رتبت الأطباق على المائدة.. وتوقفت يدها عن وضع أخر طبق كانت ستضعه وهي تسمع رنين الجرس
أنا هفتح يا فتون..
بادر هو بالمهمة والضيف لم يكن مجهول عنها إنها السيدة الحسناء التي دلفت بأناقتها المبهرة
ريحة الأكل تجنن يا سليم
الكلام ده تقوليه لفتون
أشار نحو خادمته الصغيرة المنهمكة في وضع لمستها الأخيرة
لا وكمان عامله أكل صحي وحطاه قدامك... لا ده أنت تمسك في فتون بأيدك وأسنانك
هتفت بها الواقفة التي تعلقت عيناها بأطباق الطعام.. ليحدق هو فيها كما حدق بما صنعته لأجله
فتون فعلا مافيش زيها
عادت بأدراجها للمطبخ بعدما أستمعت لمدحه ورأت تلك النظرة في عينيه ولكن كل شئ تلاشى ومشهد تلك المرأة وهي معه في غرفته تزيل عنه قميصه.. أنها كانت تراه بصورة نقية كاملة ولكن الصورة قد تشوهت بعقلها
جلست على مقعدها في المطبخ تنظر نحو يدها تتسأل داخلها هل ستظل حياتها هكذا مجرد خادمة لا قيمة لها.. فأين هي أحلامها الصغيرة التي رسمتها.. ها هي تقترب من السابعة عشر ولم تجني شيء إلا الألم
أحدهم كان ينادي أسمها من بعيد لتدرك أنها انغمست في شرودها والسيد سليم يهتف باسمها
هرولت إليه تخفض عيناها عنهم تنتظر ما سيأمرها به
ديدة عايزة تشكرك على الأكل يا فتون
تسلم أيدك يا فتون.. الأكل طعمه يجنن حقيقي.. تفوقتي على مدام ألفت
طالعها يدقق النظر في تفاصيل ملامحها... لقد أصبحت شفافة بالنسبة إليه ويشعر أن هناك شيء بها
لسا أيدك بټوجعك
اهتمامه بها جعل خديجة ترمقهما بعينين ثاقبتين
لا يا بيه.. هروح أجيبلكم الحلو
انصرفت من أمامهم وقبل أن تتحدث خديجة بشئ
من غير ما شيطانك يلعب في دماغك يا خديجة أنا عمري ما هكون زي صفوان باشا.. مش هكون رمرام زيه وأبص للخدامة.. بس زي ما أنت شايفة البنت
متابعة القراءة