رواية لمن القرار بقلم سهام صادق

موقع أيام نيوز


ضيف والضيف يجب أن ينال كل ماهو نظيف وجميل هكذا كانت تفعل والدتها .
ابتسمت وهي تتذكر اتصالها بهم أمس إنها اشتاقت لهم بشدة وما يصبرها على هذا أن حسن وعدها بعدما تدخر راتبها معه ويخرجون منه مصروف البيت سيأخدها إليهم.. ستنتظر شهرين آخرين حتى تجمع مبلغ لا بأس به وتذهب إليهم محملة بالهدايا 
حملت الطبق وسارت به نحو شقة السيدة إحسان وكالعادة منذ مجيئه هو من يفتح لها الباب 

 مساء الخير 
تفحص الطبق الذي تحمله وتلك المرة لم يطالعها بنظراته المزدرية لكنه تجاهلها وهو يفسح لها المكان حتى تدلف لوالدته 
 يعني راجعه من شغلك يابنتي تعبانه تقومي تعمليلي فطاير.. أعمل فيك إيه يافتون .
 عشان تفطري بيهم ياماما 
طالعتها بحنو فرمقها عصام ثم نظر نحو الفطائر يلتقط منها واحدة
 تسلم إيدك .. بتفكرني بطعمهم من إيدك يا أمي .
أسرعت في الرد وقد أسعدها حديثه معها حتي لو كانت بضع كلمات 
 ماما إحسان هي اللي علمتني أعملهم إزاي . 
ابتسمت السيدة إحسان تفتح لها ذراعيها.. لم تنتظر ثانية لتفكر فقد ألقت بنفسها بين أحضانها تستمد منها الدفء .
طالعهما عصام وقد صدق حديث والدته عنها فهى ليست إلا فتاة صغيرة ألقاها الفقر والجهل في زواج ليست مؤهلة له ومع حديث والدته عما يفعله بها زوجها رق قلبه ففي النهاية هو أب لثلاث فتيات ولكن قراره في أخذ والدته معه لن يتراجع عنه مهما أصرت وحاولت 
 اقنعيها تسافر معايا يافتون.. هي بتسمع كلامك . 
تعلقت عيناه بعيني والدته التي رمقته بلوم فبعدما أخبرها أنه سيفعل لها ما تريد هاهو يتحدث في الأمر مجددا
 تسافر.. تسافر فين 
تسألت وقد ألجمها ماسمعته تنظر للسيدة إحسان تنتظر جوابها
 عصام أنا قولت مش هسافر يعني مش هسافر.. أرجع لمراتك وولادك... أنا مش هسيب بيتي .
نهضت من مقعدها وقد ضاقت ذرعا من ضغطه عليها.. طالعت فتون الباب الذي أغلقته خلفها وارتكزت عيناها عليه لا تستوعب ما سمعته للتو 
 فتون ممكن تقنعيها.. أنا مش قادر أسيبها لوحدها أكتر من كده والحمدلله وضعي المادي بقى كويس هناك .
تعلقت عيناها بذلك الواقف الذي اقترب منها يطلب منها مساعدته 
 هي بقت متعلقة بيك قوي وبتسمع كلامك.. وأنا هفهمك تقوليلها إيه عشان تقنعيها .
وأردف متسائلا ينظر لها 
 هتساعديني مش كده 
........
 بتقولي إيه ياختي.. مالكيش نفس تحضريلي العشا أنا وصاحبي قومي بدل ما أنت عارفاني يافتون .
 ماليش نفس.. قولتلك ماليش نفس أعمل حاجه هو أنا مش زي بقية الناس . 
ارتفع كلا حاجبيه دهشة ينظر إلى تكورها فوق الفراش 
 ماشي يافتون... أنا هعرفك إزاي تردي عليا .
قبض على خصلات شعرها يسحبها من فوق الفراش دون أن يعبأ بصړاخها.. صړخت قهرا ولم يعد لديها طاقة للتوسل فقواها اليوم قد نفذت 
 حرام عليك ياحسن.. حرام عليك.. أنا تعبت .
 بتقوليلي حرام يافتون..وكمان تعبت . 
تعالى صړاخها وصفعاته تتوالى على وجنتيها تفيض إليه بحزنها لعله يسمعها لمرة واحدة
 ماما إحسان هتسيبني وتسافر.. هتسيبني لوحدي .
 يعني عملالي المناحة دي عشان الست أم أربعة وأربعين هتمشي.. ما تمشي ولا تروح في أي داهية هي وابنها اللي عامل نفسه ابن ذوات .
ترك خصلاتها ينفضها من بين يديه وكأنها مجرد غبار
 ساعة وآلاقي الأكل معمول وبعدها تخشي تنامي وملمحش خلقتك قدامي طول ما مسعد صاحبي موجود .. سامعه .
 سامعه ياحسن.. سامعه .
..........
ألقت هاتفها بعدما ضجرت من مهاتفته ومطالعة حساباته الشخصية.. ميادة لم تخبرها إلا بسفره الذي أتى فجأة وقد علموا به وهو يودعهم.. هي تعرف صديقتها جيدا لو كان أخبرها بشيء لأخبرتها به على الفور .
عادت تلتقط هاتفها تدق عليه للمرة التي لا تعلم عددها.. إنها تعلم إن الغلق قد يكون بسبب متعلق بالشبكات.. أخذها عقلها لأخر لقاء بينهما وتلك القبلة التي كلما تذكرتها رفرفت مشاعرها رغم احتقارها لنفسها من حرمتها إلا أن قلبها اتخذها في أحلامه ملاذا له .
تعالى رنين هاتفها فأسرعت 
بالتحديق بشاشته وقد ظنته هو ولكن لم تكن إلا خالتها كاميليا
نظرت نحو هاتفها تستغرب مكالمة خالتها وموعدهم غدا !!
خفق قلبها وهي تتذكر كلام رسلان معها بأنه سيعلن حبهما..وارتجف قلبها وهي تستشعر ماهو قادم فقلبها يخبرها أنها سعادتها وعليها ألا تضيعها .
...........
جلست بالمطبخ شاردة تنتظر رحيله..كانت تفكر بصوت مسموع لا تصدق أن السيدة إحسان سترحل وستتركها فهى من هونت عليها غربتها في وطنها بكنف زوج لا يفعل شيئا سوي ضربها كلما اعترضت أو سمع لها صوت .
تحسست ذراعيها المكدومتين تحت ملابسها تغمض عينيها من شدة آلامها .
 فتون أنا هتغدا بره تقدري تمشي بدري لما تخلصي شغلك .
لم يطالعها وهو يتحدث.. تمنت أن تجد نظرته الحانية تلك اللحظة ولكن ماهي إلا خادمة تستجدي العطف من الآخرين 
 حاضر يابيه هخلص شغلي وأمشي .
خانته عيناه وهو ينظر إليها..ولكنه تراجع للخلف ملتفا بجسده راحلا 
 هي لو مشيت أنا هعمل إيه يابيه 
قطب حاجبيه يطالعها بعدما استدار بجسده نحوها 
 مين اللي هتمشي ولا مشيت.. أنت بتكلمي نفسك يافتون !!
 ماما إحسان.. ابنها عايز ياخدها معاه .
رفرفت بأهدابها تمنع هطول دموعها ولكنها فشلت في منعها 
 ماما إحسان مين يافتون.. أنت ليك أهل هنا !
نفت برأسها ترثي حالها... حسن لا يسمعها ولم تجد إلا هو لتبوح إليه...تناست أن الواقف أمامها هو رب عملها الرجل الذي كاد بالأمس يصرفها من عملها دون سبب .. الرجل الذي أنحنت تقبل يده تتوسله .
كل شئ تلاشي في لحظة وهي تفيض له بأوجاعها 
وقف يستمع لها ولأول مرة يعيش دور المنصت يستمع لغيره باهتمام 
 كفايه عياط يافتون لو هي بتحبك مش هتسيبك .
 هتسيبني وتمشي.. قلبي حاسس إنها هتمشي .
 فتون كفايه عياط... لو مشيت لازم تتعودي إن محدش بيفضل مع حد .
سليم النجار يقف يواسي ويعطي نصائحه ومع من مجرد خادمة 
يتعجب من حاله ولكنه يشعر أنه مسلوب الإرادة يعلم أنه لا يخصها إلا بالعطف ولكن هل يظل العطف عطفا بين رجل وامرأة .
توقف عقله عند تلك النقطة ومازاد الأمر سوءا أنه انتبه للتو أن عينيه لم تحد عنها 
 أنا رايح المكتب.. وتقدري تمشي بدري زي ماقولتلك 
انسحب من أمامها ..هرب.. يصارع داخله ما لم يفهمه
.................................
دارت بعينيها بين خالتها وذلك الجالس الذي أخذ يتفحصها بنظراته.. طالعت ميادة الصامتة وقد انشغلت بهاتفها 
 أعرفك بالأستاذ أحمد ياملك محاسب في بنك.. ودي ملك بنت أختي مدرسة .
أومأ الجالس برأسه يرفع نظارته قليلا مدققا النظر في ملامحها
 تشرفنا يا أستاذ أحمد ...
طالعتهم كاميليا بنظراتها الفاحصة.. وإعجاب ذلك الجالس كان واضحا .
ارتبكت ملك من نظراته.. فنظراته لا توحي إلا بأنه يضعها تحت الفحص
 ميادة قومي معايا نتمشى شويه ونسيب أستاذ أحمد وملك مع بعض .
أتسعت عيناها تنظر نحو ميادة التي نهضت تتبع خالتها
 ميادة أنت رايحه فين 
وميادة لم تملك إلا أن تنفذ الأوامر في صمت.. أن تخسر ملك حبها أهون من أن تخسر عائلتها وتكتشف تلك الحقيقة.. هكذا اقتنعت وأقنعتها والدتها
 ميادة استنى..
 أستاذة ملك ياريت تقعدي نتكلم مع بعض شويه ونتعرف..
استنكرت حديثه وقد فهمت الآن سبب نظراته تلك..
 بصراحة أنت عجبتيني وياريت تاخديلي معاد مع والد حضرتك .
وقفت ميادة تطالعها من بعيد وقلبها يؤنبها لا تصدق أن قصة حبها
 

تم نسخ الرابط